*لا مياه اليمونة وصلت ولا مياه بعلبك دامت* *بقلم علي خيرالله شريف* استبشرنا خيراً أن أعادت شركة مياه بعلبك، بالتعاون مع جهو

عاجل

الفئة

shadow
*لا مياه اليمونة وصلت ولا مياه بعلبك دامت*

*بقلم علي خيرالله شريف*

استبشرنا خيراً أن أعادت شركة مياه بعلبك، بالتعاون مع جهود الخيِّرين في المدينة، المياه إلى مجاريها بعد انقطاع استمرَّ عدة أسابيع، ولكن للأسف تبيَّن لنا أنها عادت إلى بعض الأحياء دون غيرها، وبالأمس أُخبِرنا أنها انقطعت مجدداً عن جميع الأحياء أو أكثرها.
فإذا كان سبب الانقطاع في المرة الأولى كسر بعض الأنابيب من قِبَل أحد المواطنين عن طريق الخطأ، وتم إصلاحها، فماذا كان سبب انقطاعها اليوم يا ترى؟ هل في الأمرِ كسرٌ جديد غير مقصود، أم أنه هذه المرة كسرٌ متعمَّد أم إهمال عن سابق تصور وتصميم؟ أو ربما لأمرٍ آخر يشبه سرقة مياه اليمونة؟

أما عن مياه اليمونة فقد سُرِرنا أن الجيش اللبناني قام بتنفيذ مداهمات ليومين متتاليين على البؤر التي يستعملها قراصنة المياه لسرقتها وبيعها، ورَي مزروعاتهم المشبوهة منها. ومع أننا لم نقرأ جردة حساب بإنجازات تلك المداهمات ولا بعدد المعتقلين ولا بكيفية معاقبتهم، وجهنا التحية يومها لجيشِنا الذي يُنقذُ الناس عند الشدائد، وناشدناه أن يستكمل مداهماته بتثبيت نقاط عسكرية في الأماكن التي تتعرض للسرقة المزمنة، وتمنينا عليه أن يقدم اللصوص للمحاكمة. وكنا على شبه يقين أن قيادة الجيش ستفعل ذلك ليس بناءً على أمنياتنا، بل لأنه لا يهون عليها عطش عشرات الآلاف من المواطنين بسبب عربدة بعض الخارجين على القانون وعلى القيم والمبادئ الإنسانية.
للأسف، فوجئنا أن المياه لم تصِل بعد المداهمات إلا بشكلٍ شحيح جداً إلى بعضِ البيوت، ولمدةِ أيامٍ قليلة فقط، ثم انقطعت نهائياً. نعم وصلت للقليل من البيوت بشكل شحيح ولأيام قليلة فقط، ثم انقطعت.

طبعاً لا نريد أن نُسمِّيها مداهمات رفع العتب وإثبات الوجود، ولكن نحن نطرح عدة تساؤلات برسم القيادات الأمنية والمسؤولين والنواب والوزراء وكل أركان الدولة المترهلة، عما إذا كانت المداهمات جَدِّية لحل هذه القضية المزمنة، أم أنها كانت حملة علاقات عامَّة مؤقَّتَة؟
ومن هي الجهة السياسية التي تغطي اللصوص وتحصنهم وتمنع ملاحقتهم وتبيح لهم قطع المياه عن آلاف الأطفال على مزاجهم، وزيادة معاناة آلاف العائلات المتعبة من كل مصائب هذا البلد المنهوب والمبعثر والقابع في قعر الهاوية؟
هل تعتبرون المواطنين في بعلبك وفي غربي بعلبك، لبنانيين، أم أنهم مُصَنَّفِين درجة ثانية وثالثة ولا يستحقون تأمين أبسط حاجاتهم الحياتية حتى من المياه والأمن ولقمة العيش؟

كما نسأل، ليس من باب الطائفية التي نحن من أبعد الناس عنها، بل من باب ما وعدنا به الدستور اللبناني من مساواة بين المناطق والمواطنين، ومن باب درجة اهتمام المسؤولين من كل العيارات، بمواطنيهم؛ لو تمت سرقة مياه منطقة كسروان أو تم قطع مياه الشفه عن إهدن أو الأشرفية أو عاليه، أو عن أحد قلاع الزعماء أو قصور الرئاسات أو القيادات الأمنية أو مزارع أثرياء الوظائف العامة وقراهم السياحية، ماذا كنتم ستفعلون؟ وهل كُنتُم ستسكتون؟

هل يوجد من يَدُلُّنا على المرجعية الصالحة لكي نحمل إليها الشكوى؟ أم أن الشكوى لغير الله مذلَّة؟

أحد سكان قرى غربي بعلبك أفاد أنهم تعودوا على انقطاع مياه اليمونة عنهم كل سنة من حزيران لغاية كانون الأول. وفي كانون الأول بطبيعة الحال تكون أكثر الينابيع قد جفَّت وبات وصولها إلى البيوت بطبيعة الحال متعذراً.

لا نريدُ أن نترحَّمَ على أيام الانتداب الفرنسي التي حدثنا عنها الكبار في السِن، عندما لم يكن يجرؤ أحدٌ على سرقة حقوق غيره ولا على التعدي على أملاك غيره أو الأملاك العامة من المياه والأراضي والمؤسسات.

لقد قلنا عندما داهم الجيش أوكار لصوص المياه منذ أسابيع، أنَّه ما زال في هذه الدولة آذانٌ صاغية، ولكن بعد أيام تبيَّن لنا أن كلام الليل يمحوه النهار، وأنَّ مياه اليمونة لم يتم إنقاذها من مخالب المفترسين، وأن مياه بعلبك لم تستمر طويلاً ثم عادت إلى الانقطاع.
فهل هناك من يسمع صراخ الناس؟ وهل هناك من يمتلك الشجاعة لقمع اللصوص والمجرمين؟ وهل يوجد بين الطبقة الحاكمة وبين الفعاليات من يفضل العمل على الاستعراضات؟

السبت 9 أيلول 2023

الناشر

هدى الجمال
هدى الجمال

shadow

أخبار ذات صلة